2010-07-31, 05:46 AM
فتاوى الصيام أجاب عنها: فضيلة الشيخ: ابن عثيمين -رحمه الله - "خاصة بالمرأة"
الطهر بعد الفجر مباشرة:
س : إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرةً هل تمسك وتصوم هذا اليوم ؟ ويكون يومها لها، أم عليها قضاء ذلك اليوم ؟
ج : إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان:
القول الأول : إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم، ولكنه لا يحسب لها، بل يجب عليها القضاء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، رحمه الله .
والقول الثاني : إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم ؛ لأنه يومٌ لا يصحّ صومها فيه ؛ لكونها في أوله حائضًا، ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصحّ لم يبق للإمساك فائدةٌ . وهذا الزمن زمنٌ غيرٌ محترمٍ بالنسبة لها ؛ لأنها مأمورةٌ بفطره في أول النهار، بل محرّمٌ عليها صومه في أول النهار، والصوم الشرعيّ - كما نعلم جميعًا - هو الإمساك عن المفطرات تعبّدًا لله عزّ وجلّ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
وهذا القول - كما تراه - أرجح من القول بلزوم الإمساك .
وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم .
الطهر قبل الفجر مباشرة:
س : هذا السائل يقول : إذا طهرت الحائض، واغتسلت بعد صلاة الفجر، وصلّت، وكمّلت صوم يومها، فهل يجب عليها قضاؤه ؟
ج : إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر، ولو بدقيقةٍ واحدةٍ، ولكن تيقّنت الطّهر، فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم، ويكون صومها ذلك اليوم صحيحًا، ولا يلزمها قضاؤه ؛ لأنها صامت وهي طاهرٌ، وإن لم تغتسل إلّا بعد طلوع الفجر فلا حرج .
كما أن الرجل لو كان جنبًا من جماعٍ أو احتلامٍ، وتسحّر، ولم يغتسل إلّا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحًا .
وبهذه المناسبة أودّ أن أنبّه إلى أمرٍ آخر عند النساء إذا أتاها الحيض، وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء تظنّ أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلّي العشاء فسد صوم ذلك اليوم، وهذا لا أصل له، بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب، ولو بلحظةٍ فإن صومها تامٌّ وصحيحٌ .
الطهر قبل الأربعين للنفساء:
س : هل يجب على النّفساء أن تصوم وتصلّي إذا طهرت قبل الأربعين ؟
ج : نعم، متى طهرت النّفساء قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان، ويجب عليها أن تصلّي، ويجوز لزوجها أن يجامعها ؛ لأنها طاهرٌ، ليس فيها ما يمنع الصوم، ولا ما يمنع وجوب الصلاة وإباحة الجماع .
اختلاف العادة الشهرية:
س : إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ثمانية أيامٍ، أو سبعة أيامٍ، ثم استمرّت معها مرةً أو مرتين أكثر من ذلك، فما الحكم ؟
ج : إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيامٍ، أو سبعةً، ثم طالت هذه المدة، وصارت ثمانيةً، أو تسعةً، أو عشرةً، أو أحد عشر يومًا، فإنها تبقى لا تصلّي حتى تطهر، وذلك لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يحدّ حدًّا معيّنًا في الحيض، وقد قال الله تعالى : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى {البقرة:222}.
فمتى كان هذا الدم باقيًا فإنّ المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل، ثم تصلّي، فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصًا عن ذلك، فإنها تغتسل إذا طهرت، وإذا لم يكن على المدة السابقة .
والمهمّ أن المرأة متى كان الحيض معها موجودًا يقينًا فإنها لا تصلّي سواءٌ كان الحيض موافقًا للعادة السابقة، أو زائدًا عنها، أو ناقصًا، وإذا طهرت تصلّي .
نقط الدم أثناء الصوم:
س : إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقطٌ دمٍ بسيطٍ، واستمرّ معها هذا الدم طوال شهر رمضان، وهي تصوم، فهل صومها صحيحٌ ؟
ج : نعم، صومها صحيحٌ، وأما هذه النقط فليست بشيءٍ ؛ لأنها من العروق، وقد أثر عن عليّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - أنه قال : إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيضٍ . هكذا يذكر عنه رضي الله عنه.
الإحساس بألم العادة لا يفسد الصوم:
س : إذا أحسّت المرأة بالدم، ولم يخرج قبل الغروب، أو أحسّت بألم العادة، هل يصحّ صيامها ذلك اليوم أم يجب عليها قضاؤه ؟
ج : إذا أحسّت المرأة الطاهرة بانتقال الحيض، وهي صائمةٌ، ولكنه لم يخرج إلّا بعد غروب الشمس، أو أحسّت بألم الحيض، ولكنه لم يخرج إلّا بعد غروب الشمس، فإنّ صومها ذلك اليوم صحيحٌ، وليس عليها إعادته، إذا كان فرضًا ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلًا .
الشك في الدم:
س : إذا رأت المرأة دمًا، ولم تجزم أنه دم حيضٍ، فما حكم صيامها ذلك اليوم ؟
ج : صيامها ذلك اليوم صحيحٌ ؛ لأنّ الأصل عدم الحيض حتى يتبيّن لها أنه حيضٌ .
إمساك الحائض والنفساء:
س : الحائض والنفساء، هل تأكلان وتشربان في نهار رمضان ؟
ج : نعم، تأكلان وتشربان في نهار رمضان، لكنّ الأولى أن يكون ذلك سرّّا، إذا كان عندها أحدٌ من الصّبيان في البيت ؛ لأنّ ذلك يوجب إشكالًا عندهم وسوء الظن بها.
من طهرت بعد العصر لا يلزمها صلاة الظهر:
س : إذا طهرت الحائض أو النفساء وقت العصر، هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر، أم لا يلزمها سوى العصر فقط ؟
ج : القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمها إلّا العصر فقط ؛ لأنه لا دليل على وجوب صلاة الظهر، والأصل براءة الذّمّة .
ثم إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : "من أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". ولم يذكر أنه أدرك الظهر، ولو كان الظهر واجبًا لبيّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم .
ولأنّ المرأة لو حاضت بعد دخول وقت الظهر لم يلزمها إلا قضاء صلاة الظهر، دون صلاة العصر، مع أن الظهر تجمع إلى العصر، ولا فرق بينها وبين الصّورة التي وقع السؤال عنها .
وعلى هذا يكون القول الراجح: أنه لا يلزمها إلّا صلاة العصر فقط ؛ لدلالة النصّ والقياس عليها.
كذلك الشأن فيما لو طهرت قبل خروج وقت العشاء فإنه لا يلزمها إلا صلاة العشاء، ولا تلزمها صلاة المغرب .
الإجهاض قبل التخلق وبعده:
س : بعض النساء اللاتي يجهضن لا يخلون من حالتين : إما أن تجهض المرأة قبل تخلّق الجنين، وإما أن تجهض بعد تخلّقه، وظهور التخطيط فيه، فما حكم صيامها ذلك اليوم الذي أجهضت فيه، وصيام الأيام التي ترى فيها الدم ؟
ج : إذا كان الجنين لم يخلّق فإن دمها هذا ليس دم نفاسٍ، وعلى هذا فإنّها تصوم وتصلّي، وصيامها صحيحٌ .
وإذا كان الجنين قد خلّق فإنّ الدم دم نفاس، لا يحلّ لها أن تصلّي فيه، ولا أن تصوم، والقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان الجنين قد خلّق فالدم دم نفاسٍ، وإذا لم يخلّق فليس الدم دم نفاسٍ .
وإذا كان الدم دم نفاسٍ فإنه يحرم عليها ما يحرم على النّفساء، وإذا كان غير دم النفاس فإنه لا يحرم عليها ذلك .
نزول الدم على الحامل:
س : نزول الدم من الحامل في نهار رمضان هل يؤثّر على صومها ؟
ج : إذا خرج دم الحيض، والمرأة صائمةٌ، فإنّ صومها يفسد ؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : "أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم". ولهذا نعدّه من المفطرات، والنفاس مثله، وخروج دم الحيض والنفاس مفسدٌ للصوم .
ونزول الدم من الحامل في نهار رمضان إن كان حيضًا فإنه كحيض غير الحامل ؛ أي : يؤثّر على صومها، وإن لم يكن حيضًا فإنه لا يؤثّر .
والحيض الذي يمكن أن يقع من الحامل هو أن يكون حيضًا مطّردًا لم ينقطع عنها منذ حملت، بل كان يأتيها في أوقاتها المعتادة، فهذا حيضٌ على القول الراجح يثبت له أحكام الحيض.
أما إذا انقطع الدم عنها وصارت بعد ذلك ترى دمًا ليس هو الدم المعتاد فإن هذا لا يؤثّر على صيامها ؛ لأنه ليس بحيضٍ .
ظهور القَصَّة البيضاء وغيابها:
س : في الأيام الأخيرة من الحيض، وقبل الطهر، لا ترى المرأة أثرًا للدم، هل تصوم ذلك اليوم، وهي لم تر القصّة البيضاء، أم ماذا تصنع ؟
ج : إذا كان من عادتها ألّا ترى القصّة البيضاء، كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم، وإن كان من عادتها أن ترى القصّة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصّة البيضاء.
قراءة الحائض والنفساء للقرآن:
س : ما حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن، نظرًا وحفظًا في حالة الضرورة، كأن تكون طالبةً أو معلّمةً ؟
ج : لا حرج على المرأة الحائض أو النفساء في قراءة القرآن، إذا كان لحائضةٍ، كالمرأة المعلّمة أو الدارسة التي تقرأ وردها في ليلٍ أو نهارٍ .
أما القراءة ؛ أعنى : قراءة القرآن لطلب الأجر وثواب التّلاوة، فالأفضل ألا تفعل ؛ لأن كثيرًا من أهل العلم أو أكثرهم يرون أن الحائض لا يحلّ لها قراءة القرآن.
الإهمال في القضاء:
س : سائل يسأل : امرأةٌ أفطرت في رمضان سبعة أيامٍ، وهي نفساء، ولم تقض حتى أتاها رمضان الثاني، وفاتها من رمضان الثاني سبعة أيامٍ، وهي مرضعٌ، ولم تقض بحجّة مرضٍ عندها، فماذا عليها، وقد أوشك دخول رمضان الثالث، أفيدونا أثابكم الله ؟
ج : إذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عن نفسها أنها في مرضٍ، ولا تستطيع القضاء فإنها متى استطاعت صامته ؛ لأنها معذورةٌ حتى ولو جاء رمضان الثاني .
أما إذا كان لا عذر لها وإنما تتعلّل، وتتهاون فإنه لا يجوز لها أن تؤخّر قضاء رمضان إلى رمضان الثاني .
قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان يكون عليّ الصوم، فما أستطيع أن أقضيه إلّا في شعبان".
وعلى هذا فعلى المرأة أن تنظر في نفسها إذا كان لا عذر لها فهي آثمةٌ، وعليها أن تتوب إلى الله، وأن تبادر بقضاء ما في ذمتها من الصيام، وإن كانت معذورةً فلا حرج عليها، ولو تأخّرت سنةً أو سنتين .
قضاء فائته أدركها الحيض:
س : إذا حاضت المرأة الساعة الواحدة ظهرًا مثلًا، وهي لم تصلّ بعد صلاة الظهر، هل يلزمها تلك الصلاة بعد الظُّهر ؟
ج : في هذا خلافٌ بين العلماء؛ فمنهم من قال : إنه لا يلزمها أن تقضي هذه الصلاة ؛ لأنها لم تفرّط، ولم تأثم حيث إنه يجوز لها أن تؤخّر الصلاة إلى آخر وقتها .
ومنهم من قال : إنه يلزمها القضاء، أي : قضاء تلك الصلاة ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة" .
والاحتياط لها أن تقضيها ؛ لأنها صلاةٌ واحدةٌ، لا مشقّة في قضائها .
نزول الدم قبل الولادة بيومين:
س : إذا رأت المرأة الحامل دمًا قبل الولادة بيومٍ أو يومينٍ، فهل تترك الصوم والصلاة من أجله، أم ماذا؟
ج : إذا رأت الحامل الدم قبل الولادة بيومٍ أو يومين، ومعه طلقٌ فإنه نفاسٌ تترك من أجله الصلاة والصيام، وإذا لم يكن معه طلقٌ فإنه دم فسادٍ، لا عبرة فيه، ولا يمنعها من صيامٍ، ولا صلاةٍ .
النقط الدموية بعد الطهر:
س : يقول السائل : امرأةٌ بعد شهرين من النكاح، وبعد أن طهرت بدأت تجد بعض النّقاط الصغيرة من الدم، فهل تفطر، ولا تصلّي ؟ أم ماذا تفعل؟
ج : مشاكل النساء في الحيض والنكاح بحرٌ لا ساحل له، ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل، والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون مثل هذه الإشكالات الكثيرة .
صحيحٌ أنّ الإشكال مازال موجودًا منذ بعث الرسول، بل منذ وجد النساء، ولكنّ كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حلّ مشاكله أمرٌ يؤسف له .
ولكنّ القاعدة العامة أن المرأة إذا طهرت، ورأت الطهر المتيّقن في الحيض، وفي النكاح، وأعني بالطهر في الحيض : خروج القصّة البيضاء، وهو ماءٌ أبيض تعرفه النساء فيما بعد الطهر من كدرةٍ، أو صفرةٍ، أو نقطةٍ، أو رطوبةٍ، فهذا كلّه ليس بحيضٍ، فلا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من الصيام، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته ؛ لأنه ليس بحيضٍ.
قالت أمّ عطية : كنا لا نعدّ الصّفرة والكدرة شيئًا. {أخرجه البخاريّ، زاد أبو داود : بعد الطّهر، وسنده صحيحٌ}.
وعلى هذا القول : كلّ ما حدث بعد الطّهر المتيقّن من هذه الأشياء فإنها لا تضرّ المرأة، ولا تمنعها من صلاتها، وصيامها، ومباشرة زوجها إياها .
ولكن يجب أن لا تتعجّل حتى ترى الطهر ؛ لأن بعض النساء إذا جفّ الدم عنها بادرت واغتسلت قبل ترى الطهر .
ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف يعني : القطن فيه الدم، فنقول لهن : لا تعجلن حتى ترين القصّة البيضاء.
تذوق الطعام للصائمة:
س ما حكم ذوق الطعام في نهار رمضان، والمرأة صائمة ؟
ج : حكمه لا بأس به لدعوة الحاجة إليه، ولكنها تلفظ ما ذاقته، ولا تبتلعه.
استمرار الدم مع الحمل
س : امرأةٌ أصيبت في حادثةٍ، وكانت في بداية الحمل، فأسقطت الجنين إثر نزيفٍ حادٍّ، فهل يجوز لها أن تفطر، أم تواصل الصيام، وإذا أفطرت فهل عليها إثمٌ ؟
ج : نقول : إنّ الحامل لا تحيض، كما قال الإمام أحمد: إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض .
والحيض كما قال أهل العلم خلقه الله تبارك وتعالى لحكمة غذاء الجنين في بطن أمّه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض .
لكنّ بعض النساء قد يستمرّ بها الحيض على عادته، كما كان قبل الحمل فهذه يحكم بأنّ حيضها حيضٌ صحيحٌ ؛ لأنه استمرّ بها الحيض، ولم يتأثّر بالحمل، فيكون هذا الحيض مانعًا لكلّ ما يمنعه حيض غير الحامل، وموجبًا لما يوجبه، ومسقطًا لما يسقطه .
والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين :
نوعٌ يحكم بأنه حيضٌ، وهو الذي استمرّ بها كما كان قبل الحمل، فمعنى ذلك أنّ الحمل لم يؤثّر عليه، فيكون حيضًا .
والنوع الثاني : دمٌ طرأ على الحامل طروءًا، إما بسبب حادثٍ، أو حمل شيءٍ، أو سقوط شيءٍ ونحوه، فهذه دمها ليس بحيضٍ، وإنما هو دم عرقٍ .
وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، بل هي في حكم الطاهرات، ولكن إذا لزم من الحادث أن ينزل الولد أو الحمل الذي في بطنها فإنها على ما قال أهل العلم : إن خرج، وقد تبيّن فيه خلق إنسان فإن دمها بعد خروجه يعدّ نفاسًا، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنّبها زوجها حتى تطهر .
وإن خرج الجنين، وهو غير مخلّقٍ فإنه لا يعتبر دم نفاسٍ، بل هو دم فسادٍ، لا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، ولا من غيرهما .
قال أهل العلم : وأقلّ زمنٍ يتبيّن فيه التّخليق واحدٌ وثمانون يومًا ؛ لأنّ الجنين في بطن أمّه، كما قال عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، فقال : "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك، ويؤمر بأربع كلماتٍ، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقيٌّ أم سعيدٌ".
ولا يمكن أن يخلّق قبل ذلك، والغالب أن التّخليق لا يتبيّن قبل تسعين يومًا، كما قال بعض أهل العلم.
امرأة جاهلة بقضاء أيام الحيض:
س سائلةٌ تقول : إنها منذ وجب عليها الصيام، وهي تصوم رمضان، ولكنها لا تقضي صيام الأيام التي تفطرها بسبب الدّورة الشهرية، ولجهلها بعدد الأيام التي أفطرتها فهي تطلب إرشادها إلى ما يجب عليها فعله الآن ؟
ج : يؤسفنا أن يقع مثل هذا بين نساء المؤمنين، فإنّ هذا الترك أعني : ترك قضاء ما يجب عليها من الصيام - إمّا أن يكون جهلًا، وإمّا أن يكون تهاونًا، وكلاهما مصيبةٌ ؛ لأن الجهل دواؤه العلم والسؤال .
وأمّا التهاون فإن دواءه تقوى الله عزّ وجلّ ومراقبته والخوف من عقابه والمبادرة إلى ما فيه رضاه .
فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت، وأن تستغفر، وأن تتحرّى الأيام التي تركتها بقدر استطاعتها فتقضيها، وبهذا تبرأ ذمتها، ونرجو أن يقبل الله توبتها .
النزيف المستمر لسنين طويلة:
س : شخصٌ يقول : أفيدكم أنّ لي والدةً تبلغ من العمر خمسةً وستين عامًا، ولها مدة تسع عشرة سنةً، وهي لم تأت بأطفالٍ، والآن معها نزيف دمٍ لها مدة ثلاث سنواتٍ، وهو مرضٌ يبدو أتاها في تلكم الفترة، ولأنها ستستقبل الصيام، كيف تنصحونها لو تكرّمتم ؟ وكيف تتصرّف مثلها لو سمحتم ؟
ج : مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحادث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كلّ شهرٍ لمدة ستة أيامٍ مثلًا فإنها تجلس من أول كلّ شهرٍ مدة ستة أيامٍ، لا تصلّي، ولا تصوم .
فإن انقضت اغتسلت وصلّت وصامت، وكيفية الصلاة لهذه وأمثالها أنها تغسل فرجها غسلا تامًّا، وتعصبه، وتتوضّأ، وتفعل ذلك بعد دخول وقت صلاة الفريضة، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفَّل في غير أوقات الفرائض، وفي هذه الحالة ومن أجل المشقّة عليها يجوز لها أن تجمع بين الصلاتين .
مكث الحائض في المسجد لسماع الدروس:
س: ما حكم وجود المرأة في المسجد الحرام، وهي حائضٌ، لاستماع الأحاديث والخطب ؟
ج : لا يجوز للمرأة الحائض أن تمكث في المسجد الحرام، ولا غيره من المساجد، ولكن يجوز لها أن تمرّ بالمسجد، وتأخذ الحاجة منه، وما أشبه ذلك، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة حين أمرها أن تأتي بالخمرة، فقالت : إنها في المسجد، وهي حائضٌ . فقال : "إن حيضتك ليست في يدك".
فإذا مرّت الحائض في المسجد، وهي آمنةٌ من أن ينزل دمٌ على أرض المسجد فلا حرج عليها .
أما إن كانت تريد أن تدخل وتجلس فهذا لا يجوز، والدليل على ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر النساء في صلاة العيد أن يخرجن إلى مصلّى العيد ؛ العواتق، وذوات الخدور، والحُيَّض، إلّا أنه أمر أن يعتزل الحيّض المصلّى.
فدلّ ذلك على أن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد لاستماع الخطبة أو استماع الأحاديث .
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-:
امرأة حامل لا تطيق الصوم فماذا تفعل؟
فأجاب:
حُكم الحَامل التي يشق عليها الصوم حكم المريض، وهكذا المرضع إذا شقّ عليهما الصوم تفطران وتقضيان، لقول الله سبحانه: فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر {البقرة:185}.
وذكر بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن عليهما الإطعام فقط.
والصواب الأول، وأن حكمهما حكم المريض؛ لأن الأصل وجوب القضاء ولا دليل يعارضه. ومما يدل على ذلك: ما رواه أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ الله وَضَعَ عن المُسَافر الصَّوم وشَطر الصَّلاة وعن الحُبْلَى والمُرْضِع الصَّوم" رواه الإمام أحمد وأهل السُّنن الأربع بإسنادٍ حسنٍ، فدلَّ على أنهما كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان.
أما القصر فهو حكم يختص بالمسافر لا يُشَاركه فيه أحد، وهو صلاة الرباعية ركعتين وبالله التوفيق.
امرأة لم تصم ثلاثة رمضانات بسبب الولادة والحمل
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
منذ ثلاث سنوات وزوجتي تلد في بداية شهر رمضان المبارك ولم تصم ثلاثة شهور من رمضان، أفيدونا ما هي الكفارة؟
فأجابت:
يجب عليها أن تُبَادر إلى قضاء ما عليها من صيام رمضان للسنوات الثلاث الماضية، كما يجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا مقدار نِصْف صَاعٍ من بُرٍّ أو أرز ونحوهما من قوت البلد؛ وذلك لتأخيرها القضاء حتى دخل رمضان آخر إذا كانت أخرت القضاء وهي قادرة عليه.
الطهر بعد الفجر مباشرة:
س : إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرةً هل تمسك وتصوم هذا اليوم ؟ ويكون يومها لها، أم عليها قضاء ذلك اليوم ؟
ج : إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان:
القول الأول : إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم، ولكنه لا يحسب لها، بل يجب عليها القضاء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، رحمه الله .
والقول الثاني : إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم ؛ لأنه يومٌ لا يصحّ صومها فيه ؛ لكونها في أوله حائضًا، ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصحّ لم يبق للإمساك فائدةٌ . وهذا الزمن زمنٌ غيرٌ محترمٍ بالنسبة لها ؛ لأنها مأمورةٌ بفطره في أول النهار، بل محرّمٌ عليها صومه في أول النهار، والصوم الشرعيّ - كما نعلم جميعًا - هو الإمساك عن المفطرات تعبّدًا لله عزّ وجلّ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
وهذا القول - كما تراه - أرجح من القول بلزوم الإمساك .
وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم .
الطهر قبل الفجر مباشرة:
س : هذا السائل يقول : إذا طهرت الحائض، واغتسلت بعد صلاة الفجر، وصلّت، وكمّلت صوم يومها، فهل يجب عليها قضاؤه ؟
ج : إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر، ولو بدقيقةٍ واحدةٍ، ولكن تيقّنت الطّهر، فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم، ويكون صومها ذلك اليوم صحيحًا، ولا يلزمها قضاؤه ؛ لأنها صامت وهي طاهرٌ، وإن لم تغتسل إلّا بعد طلوع الفجر فلا حرج .
كما أن الرجل لو كان جنبًا من جماعٍ أو احتلامٍ، وتسحّر، ولم يغتسل إلّا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحًا .
وبهذه المناسبة أودّ أن أنبّه إلى أمرٍ آخر عند النساء إذا أتاها الحيض، وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء تظنّ أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلّي العشاء فسد صوم ذلك اليوم، وهذا لا أصل له، بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب، ولو بلحظةٍ فإن صومها تامٌّ وصحيحٌ .
الطهر قبل الأربعين للنفساء:
س : هل يجب على النّفساء أن تصوم وتصلّي إذا طهرت قبل الأربعين ؟
ج : نعم، متى طهرت النّفساء قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان، ويجب عليها أن تصلّي، ويجوز لزوجها أن يجامعها ؛ لأنها طاهرٌ، ليس فيها ما يمنع الصوم، ولا ما يمنع وجوب الصلاة وإباحة الجماع .
اختلاف العادة الشهرية:
س : إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ثمانية أيامٍ، أو سبعة أيامٍ، ثم استمرّت معها مرةً أو مرتين أكثر من ذلك، فما الحكم ؟
ج : إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيامٍ، أو سبعةً، ثم طالت هذه المدة، وصارت ثمانيةً، أو تسعةً، أو عشرةً، أو أحد عشر يومًا، فإنها تبقى لا تصلّي حتى تطهر، وذلك لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يحدّ حدًّا معيّنًا في الحيض، وقد قال الله تعالى : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى {البقرة:222}.
فمتى كان هذا الدم باقيًا فإنّ المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل، ثم تصلّي، فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصًا عن ذلك، فإنها تغتسل إذا طهرت، وإذا لم يكن على المدة السابقة .
والمهمّ أن المرأة متى كان الحيض معها موجودًا يقينًا فإنها لا تصلّي سواءٌ كان الحيض موافقًا للعادة السابقة، أو زائدًا عنها، أو ناقصًا، وإذا طهرت تصلّي .
نقط الدم أثناء الصوم:
س : إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقطٌ دمٍ بسيطٍ، واستمرّ معها هذا الدم طوال شهر رمضان، وهي تصوم، فهل صومها صحيحٌ ؟
ج : نعم، صومها صحيحٌ، وأما هذه النقط فليست بشيءٍ ؛ لأنها من العروق، وقد أثر عن عليّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - أنه قال : إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيضٍ . هكذا يذكر عنه رضي الله عنه.
الإحساس بألم العادة لا يفسد الصوم:
س : إذا أحسّت المرأة بالدم، ولم يخرج قبل الغروب، أو أحسّت بألم العادة، هل يصحّ صيامها ذلك اليوم أم يجب عليها قضاؤه ؟
ج : إذا أحسّت المرأة الطاهرة بانتقال الحيض، وهي صائمةٌ، ولكنه لم يخرج إلّا بعد غروب الشمس، أو أحسّت بألم الحيض، ولكنه لم يخرج إلّا بعد غروب الشمس، فإنّ صومها ذلك اليوم صحيحٌ، وليس عليها إعادته، إذا كان فرضًا ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلًا .
الشك في الدم:
س : إذا رأت المرأة دمًا، ولم تجزم أنه دم حيضٍ، فما حكم صيامها ذلك اليوم ؟
ج : صيامها ذلك اليوم صحيحٌ ؛ لأنّ الأصل عدم الحيض حتى يتبيّن لها أنه حيضٌ .
إمساك الحائض والنفساء:
س : الحائض والنفساء، هل تأكلان وتشربان في نهار رمضان ؟
ج : نعم، تأكلان وتشربان في نهار رمضان، لكنّ الأولى أن يكون ذلك سرّّا، إذا كان عندها أحدٌ من الصّبيان في البيت ؛ لأنّ ذلك يوجب إشكالًا عندهم وسوء الظن بها.
من طهرت بعد العصر لا يلزمها صلاة الظهر:
س : إذا طهرت الحائض أو النفساء وقت العصر، هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر، أم لا يلزمها سوى العصر فقط ؟
ج : القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمها إلّا العصر فقط ؛ لأنه لا دليل على وجوب صلاة الظهر، والأصل براءة الذّمّة .
ثم إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : "من أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". ولم يذكر أنه أدرك الظهر، ولو كان الظهر واجبًا لبيّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم .
ولأنّ المرأة لو حاضت بعد دخول وقت الظهر لم يلزمها إلا قضاء صلاة الظهر، دون صلاة العصر، مع أن الظهر تجمع إلى العصر، ولا فرق بينها وبين الصّورة التي وقع السؤال عنها .
وعلى هذا يكون القول الراجح: أنه لا يلزمها إلّا صلاة العصر فقط ؛ لدلالة النصّ والقياس عليها.
كذلك الشأن فيما لو طهرت قبل خروج وقت العشاء فإنه لا يلزمها إلا صلاة العشاء، ولا تلزمها صلاة المغرب .
الإجهاض قبل التخلق وبعده:
س : بعض النساء اللاتي يجهضن لا يخلون من حالتين : إما أن تجهض المرأة قبل تخلّق الجنين، وإما أن تجهض بعد تخلّقه، وظهور التخطيط فيه، فما حكم صيامها ذلك اليوم الذي أجهضت فيه، وصيام الأيام التي ترى فيها الدم ؟
ج : إذا كان الجنين لم يخلّق فإن دمها هذا ليس دم نفاسٍ، وعلى هذا فإنّها تصوم وتصلّي، وصيامها صحيحٌ .
وإذا كان الجنين قد خلّق فإنّ الدم دم نفاس، لا يحلّ لها أن تصلّي فيه، ولا أن تصوم، والقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان الجنين قد خلّق فالدم دم نفاسٍ، وإذا لم يخلّق فليس الدم دم نفاسٍ .
وإذا كان الدم دم نفاسٍ فإنه يحرم عليها ما يحرم على النّفساء، وإذا كان غير دم النفاس فإنه لا يحرم عليها ذلك .
نزول الدم على الحامل:
س : نزول الدم من الحامل في نهار رمضان هل يؤثّر على صومها ؟
ج : إذا خرج دم الحيض، والمرأة صائمةٌ، فإنّ صومها يفسد ؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : "أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم". ولهذا نعدّه من المفطرات، والنفاس مثله، وخروج دم الحيض والنفاس مفسدٌ للصوم .
ونزول الدم من الحامل في نهار رمضان إن كان حيضًا فإنه كحيض غير الحامل ؛ أي : يؤثّر على صومها، وإن لم يكن حيضًا فإنه لا يؤثّر .
والحيض الذي يمكن أن يقع من الحامل هو أن يكون حيضًا مطّردًا لم ينقطع عنها منذ حملت، بل كان يأتيها في أوقاتها المعتادة، فهذا حيضٌ على القول الراجح يثبت له أحكام الحيض.
أما إذا انقطع الدم عنها وصارت بعد ذلك ترى دمًا ليس هو الدم المعتاد فإن هذا لا يؤثّر على صيامها ؛ لأنه ليس بحيضٍ .
ظهور القَصَّة البيضاء وغيابها:
س : في الأيام الأخيرة من الحيض، وقبل الطهر، لا ترى المرأة أثرًا للدم، هل تصوم ذلك اليوم، وهي لم تر القصّة البيضاء، أم ماذا تصنع ؟
ج : إذا كان من عادتها ألّا ترى القصّة البيضاء، كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم، وإن كان من عادتها أن ترى القصّة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصّة البيضاء.
قراءة الحائض والنفساء للقرآن:
س : ما حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن، نظرًا وحفظًا في حالة الضرورة، كأن تكون طالبةً أو معلّمةً ؟
ج : لا حرج على المرأة الحائض أو النفساء في قراءة القرآن، إذا كان لحائضةٍ، كالمرأة المعلّمة أو الدارسة التي تقرأ وردها في ليلٍ أو نهارٍ .
أما القراءة ؛ أعنى : قراءة القرآن لطلب الأجر وثواب التّلاوة، فالأفضل ألا تفعل ؛ لأن كثيرًا من أهل العلم أو أكثرهم يرون أن الحائض لا يحلّ لها قراءة القرآن.
الإهمال في القضاء:
س : سائل يسأل : امرأةٌ أفطرت في رمضان سبعة أيامٍ، وهي نفساء، ولم تقض حتى أتاها رمضان الثاني، وفاتها من رمضان الثاني سبعة أيامٍ، وهي مرضعٌ، ولم تقض بحجّة مرضٍ عندها، فماذا عليها، وقد أوشك دخول رمضان الثالث، أفيدونا أثابكم الله ؟
ج : إذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عن نفسها أنها في مرضٍ، ولا تستطيع القضاء فإنها متى استطاعت صامته ؛ لأنها معذورةٌ حتى ولو جاء رمضان الثاني .
أما إذا كان لا عذر لها وإنما تتعلّل، وتتهاون فإنه لا يجوز لها أن تؤخّر قضاء رمضان إلى رمضان الثاني .
قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان يكون عليّ الصوم، فما أستطيع أن أقضيه إلّا في شعبان".
وعلى هذا فعلى المرأة أن تنظر في نفسها إذا كان لا عذر لها فهي آثمةٌ، وعليها أن تتوب إلى الله، وأن تبادر بقضاء ما في ذمتها من الصيام، وإن كانت معذورةً فلا حرج عليها، ولو تأخّرت سنةً أو سنتين .
قضاء فائته أدركها الحيض:
س : إذا حاضت المرأة الساعة الواحدة ظهرًا مثلًا، وهي لم تصلّ بعد صلاة الظهر، هل يلزمها تلك الصلاة بعد الظُّهر ؟
ج : في هذا خلافٌ بين العلماء؛ فمنهم من قال : إنه لا يلزمها أن تقضي هذه الصلاة ؛ لأنها لم تفرّط، ولم تأثم حيث إنه يجوز لها أن تؤخّر الصلاة إلى آخر وقتها .
ومنهم من قال : إنه يلزمها القضاء، أي : قضاء تلك الصلاة ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة" .
والاحتياط لها أن تقضيها ؛ لأنها صلاةٌ واحدةٌ، لا مشقّة في قضائها .
نزول الدم قبل الولادة بيومين:
س : إذا رأت المرأة الحامل دمًا قبل الولادة بيومٍ أو يومينٍ، فهل تترك الصوم والصلاة من أجله، أم ماذا؟
ج : إذا رأت الحامل الدم قبل الولادة بيومٍ أو يومين، ومعه طلقٌ فإنه نفاسٌ تترك من أجله الصلاة والصيام، وإذا لم يكن معه طلقٌ فإنه دم فسادٍ، لا عبرة فيه، ولا يمنعها من صيامٍ، ولا صلاةٍ .
النقط الدموية بعد الطهر:
س : يقول السائل : امرأةٌ بعد شهرين من النكاح، وبعد أن طهرت بدأت تجد بعض النّقاط الصغيرة من الدم، فهل تفطر، ولا تصلّي ؟ أم ماذا تفعل؟
ج : مشاكل النساء في الحيض والنكاح بحرٌ لا ساحل له، ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل، والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون مثل هذه الإشكالات الكثيرة .
صحيحٌ أنّ الإشكال مازال موجودًا منذ بعث الرسول، بل منذ وجد النساء، ولكنّ كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حلّ مشاكله أمرٌ يؤسف له .
ولكنّ القاعدة العامة أن المرأة إذا طهرت، ورأت الطهر المتيّقن في الحيض، وفي النكاح، وأعني بالطهر في الحيض : خروج القصّة البيضاء، وهو ماءٌ أبيض تعرفه النساء فيما بعد الطهر من كدرةٍ، أو صفرةٍ، أو نقطةٍ، أو رطوبةٍ، فهذا كلّه ليس بحيضٍ، فلا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من الصيام، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته ؛ لأنه ليس بحيضٍ.
قالت أمّ عطية : كنا لا نعدّ الصّفرة والكدرة شيئًا. {أخرجه البخاريّ، زاد أبو داود : بعد الطّهر، وسنده صحيحٌ}.
وعلى هذا القول : كلّ ما حدث بعد الطّهر المتيقّن من هذه الأشياء فإنها لا تضرّ المرأة، ولا تمنعها من صلاتها، وصيامها، ومباشرة زوجها إياها .
ولكن يجب أن لا تتعجّل حتى ترى الطهر ؛ لأن بعض النساء إذا جفّ الدم عنها بادرت واغتسلت قبل ترى الطهر .
ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف يعني : القطن فيه الدم، فنقول لهن : لا تعجلن حتى ترين القصّة البيضاء.
تذوق الطعام للصائمة:
س ما حكم ذوق الطعام في نهار رمضان، والمرأة صائمة ؟
ج : حكمه لا بأس به لدعوة الحاجة إليه، ولكنها تلفظ ما ذاقته، ولا تبتلعه.
استمرار الدم مع الحمل
س : امرأةٌ أصيبت في حادثةٍ، وكانت في بداية الحمل، فأسقطت الجنين إثر نزيفٍ حادٍّ، فهل يجوز لها أن تفطر، أم تواصل الصيام، وإذا أفطرت فهل عليها إثمٌ ؟
ج : نقول : إنّ الحامل لا تحيض، كما قال الإمام أحمد: إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض .
والحيض كما قال أهل العلم خلقه الله تبارك وتعالى لحكمة غذاء الجنين في بطن أمّه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض .
لكنّ بعض النساء قد يستمرّ بها الحيض على عادته، كما كان قبل الحمل فهذه يحكم بأنّ حيضها حيضٌ صحيحٌ ؛ لأنه استمرّ بها الحيض، ولم يتأثّر بالحمل، فيكون هذا الحيض مانعًا لكلّ ما يمنعه حيض غير الحامل، وموجبًا لما يوجبه، ومسقطًا لما يسقطه .
والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين :
نوعٌ يحكم بأنه حيضٌ، وهو الذي استمرّ بها كما كان قبل الحمل، فمعنى ذلك أنّ الحمل لم يؤثّر عليه، فيكون حيضًا .
والنوع الثاني : دمٌ طرأ على الحامل طروءًا، إما بسبب حادثٍ، أو حمل شيءٍ، أو سقوط شيءٍ ونحوه، فهذه دمها ليس بحيضٍ، وإنما هو دم عرقٍ .
وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، بل هي في حكم الطاهرات، ولكن إذا لزم من الحادث أن ينزل الولد أو الحمل الذي في بطنها فإنها على ما قال أهل العلم : إن خرج، وقد تبيّن فيه خلق إنسان فإن دمها بعد خروجه يعدّ نفاسًا، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنّبها زوجها حتى تطهر .
وإن خرج الجنين، وهو غير مخلّقٍ فإنه لا يعتبر دم نفاسٍ، بل هو دم فسادٍ، لا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، ولا من غيرهما .
قال أهل العلم : وأقلّ زمنٍ يتبيّن فيه التّخليق واحدٌ وثمانون يومًا ؛ لأنّ الجنين في بطن أمّه، كما قال عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، فقال : "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك، ويؤمر بأربع كلماتٍ، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقيٌّ أم سعيدٌ".
ولا يمكن أن يخلّق قبل ذلك، والغالب أن التّخليق لا يتبيّن قبل تسعين يومًا، كما قال بعض أهل العلم.
امرأة جاهلة بقضاء أيام الحيض:
س سائلةٌ تقول : إنها منذ وجب عليها الصيام، وهي تصوم رمضان، ولكنها لا تقضي صيام الأيام التي تفطرها بسبب الدّورة الشهرية، ولجهلها بعدد الأيام التي أفطرتها فهي تطلب إرشادها إلى ما يجب عليها فعله الآن ؟
ج : يؤسفنا أن يقع مثل هذا بين نساء المؤمنين، فإنّ هذا الترك أعني : ترك قضاء ما يجب عليها من الصيام - إمّا أن يكون جهلًا، وإمّا أن يكون تهاونًا، وكلاهما مصيبةٌ ؛ لأن الجهل دواؤه العلم والسؤال .
وأمّا التهاون فإن دواءه تقوى الله عزّ وجلّ ومراقبته والخوف من عقابه والمبادرة إلى ما فيه رضاه .
فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت، وأن تستغفر، وأن تتحرّى الأيام التي تركتها بقدر استطاعتها فتقضيها، وبهذا تبرأ ذمتها، ونرجو أن يقبل الله توبتها .
النزيف المستمر لسنين طويلة:
س : شخصٌ يقول : أفيدكم أنّ لي والدةً تبلغ من العمر خمسةً وستين عامًا، ولها مدة تسع عشرة سنةً، وهي لم تأت بأطفالٍ، والآن معها نزيف دمٍ لها مدة ثلاث سنواتٍ، وهو مرضٌ يبدو أتاها في تلكم الفترة، ولأنها ستستقبل الصيام، كيف تنصحونها لو تكرّمتم ؟ وكيف تتصرّف مثلها لو سمحتم ؟
ج : مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحادث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كلّ شهرٍ لمدة ستة أيامٍ مثلًا فإنها تجلس من أول كلّ شهرٍ مدة ستة أيامٍ، لا تصلّي، ولا تصوم .
فإن انقضت اغتسلت وصلّت وصامت، وكيفية الصلاة لهذه وأمثالها أنها تغسل فرجها غسلا تامًّا، وتعصبه، وتتوضّأ، وتفعل ذلك بعد دخول وقت صلاة الفريضة، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفَّل في غير أوقات الفرائض، وفي هذه الحالة ومن أجل المشقّة عليها يجوز لها أن تجمع بين الصلاتين .
مكث الحائض في المسجد لسماع الدروس:
س: ما حكم وجود المرأة في المسجد الحرام، وهي حائضٌ، لاستماع الأحاديث والخطب ؟
ج : لا يجوز للمرأة الحائض أن تمكث في المسجد الحرام، ولا غيره من المساجد، ولكن يجوز لها أن تمرّ بالمسجد، وتأخذ الحاجة منه، وما أشبه ذلك، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة حين أمرها أن تأتي بالخمرة، فقالت : إنها في المسجد، وهي حائضٌ . فقال : "إن حيضتك ليست في يدك".
فإذا مرّت الحائض في المسجد، وهي آمنةٌ من أن ينزل دمٌ على أرض المسجد فلا حرج عليها .
أما إن كانت تريد أن تدخل وتجلس فهذا لا يجوز، والدليل على ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر النساء في صلاة العيد أن يخرجن إلى مصلّى العيد ؛ العواتق، وذوات الخدور، والحُيَّض، إلّا أنه أمر أن يعتزل الحيّض المصلّى.
فدلّ ذلك على أن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد لاستماع الخطبة أو استماع الأحاديث .
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-:
امرأة حامل لا تطيق الصوم فماذا تفعل؟
فأجاب:
حُكم الحَامل التي يشق عليها الصوم حكم المريض، وهكذا المرضع إذا شقّ عليهما الصوم تفطران وتقضيان، لقول الله سبحانه: فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر {البقرة:185}.
وذكر بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن عليهما الإطعام فقط.
والصواب الأول، وأن حكمهما حكم المريض؛ لأن الأصل وجوب القضاء ولا دليل يعارضه. ومما يدل على ذلك: ما رواه أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ الله وَضَعَ عن المُسَافر الصَّوم وشَطر الصَّلاة وعن الحُبْلَى والمُرْضِع الصَّوم" رواه الإمام أحمد وأهل السُّنن الأربع بإسنادٍ حسنٍ، فدلَّ على أنهما كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان.
أما القصر فهو حكم يختص بالمسافر لا يُشَاركه فيه أحد، وهو صلاة الرباعية ركعتين وبالله التوفيق.
امرأة لم تصم ثلاثة رمضانات بسبب الولادة والحمل
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
منذ ثلاث سنوات وزوجتي تلد في بداية شهر رمضان المبارك ولم تصم ثلاثة شهور من رمضان، أفيدونا ما هي الكفارة؟
فأجابت:
يجب عليها أن تُبَادر إلى قضاء ما عليها من صيام رمضان للسنوات الثلاث الماضية، كما يجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا مقدار نِصْف صَاعٍ من بُرٍّ أو أرز ونحوهما من قوت البلد؛ وذلك لتأخيرها القضاء حتى دخل رمضان آخر إذا كانت أخرت القضاء وهي قادرة عليه.