2009-06-26, 05:16 PM
الحكاية الأخيرة - للدكتور. محمد العيد الخطراوي - السعودية
الحكاية الأخيرة - للدكتور. محمد العيد الخطراوي - السعودية
المجلة العربية - العدد 389 - يونيو 2009م
بكيت على نفسي فلمّا أملّني ***** بكائي على نفسي بكيت على نفسي
وأسبلتُ دمع العين حتى تمزّقت ***** عُراه، ووارى في حرائقه أمسي
وأترعتُ كأسي بالهموم، فأمرعت ***** دياجيرها، واشتد من وحلها بأسي
وألقت بي الأنصاب في كل معرك ***** بغيض إلى قلبي، كريه إلى نفسي
وطفتُ بفكري في مفاصل محنتي ***** كما طاف عربيد بمسرجة الأنس
وأفرغ ما في الدنّ من سكراته ***** وراح صريع الشك، والظن، والحدْس
ويممت صوب الفجر أبغي تحرراً ***** من اللين، والأيام تركض في حسي
ومن خلفها يعدو نُباح مؤرِّق ***** يتاجر في برديّ بالثمن البخس
وأوغلت في دنيا الهوى متمرّداً ***** فيا للهوى كم جرَّ بؤساً إلى بؤسي!
وأشعل في الأحلام كل خطيئة ***** معوّذة بالله من عفـــر الرجس
وأدمنت حبّ اللهو بدءاً وغاية ***** معفّرة الأقدام، معصــوبة الرأس
وأمنية خرساء ترقص في فمي ***** مــولولة ملتاثة الجهر والهمس
بذلتُ لها روحي وعهدي جميعه ***** وأدركت في أرجائها رجعة الإنس
وسربٌ من التاريخ ساخت ركابه ***** وراغت كظل الأرض في مهجع الشمس
وضاقت بي الآمال في كل مفرق ***** وثارت بصدري شهوة المحو والطمس
وذاك لأن الله مايز بيننا ***** قديماً، وضاع اللحن في زحمة الخُرْس
وتسرق مني شهرزاد حكاية ***** منمقة الأطراف مـــزهوّة الهجْس
تسيل على القرطاس شوقاً مؤزراً ***** يتيه بلون الحبر والحرف والجرْس
لتجعل منها للحياة ذريعة ***** وتمتح منها في مقاومـــة اليأس
وتصنع منها للرشيد ملاحماً ***** يوح ويغدو في غرائبها غرسي
وتبلغ آفاقي ذراها وترتدي ***** قلائدها، كالحارس المـاهر النّطس
فأقبلت كالمرآة هشم وجهها ***** نزال مع التاريخ في موكب نحس
وأنكرني قومي، فزادت مخاوفي ***** ونؤت بحملي في محاورة الطرس
وبعض حكايا القوم لهو مؤرّق ***** يعيث بأطرافي، ويعبث في حسي
وبعض حكايا القوم قصة عاشق ***** يغني بها العشاق في ليلة العرس
وبعض حكاياهم جلاد وفتنة ***** تقوم مقام الشرح في ساحة الدرس
وتضحك مني شيخة (عبشمية) ***** يؤول بها العمر الطويل إلى اللبس
وتمضي بحمد الله خلف حكاية ***** تكابد ما تلقاه من لوعة الحبس
وترنو لليل الشعر نظرة وامق ***** يرابي بضوء الشمس في منطق الحُمْس
وحين حطّمت القيد ملء أساوري ***** وزدتُ ضلالاً في مجابهة الرَّمس
وحين فقدتُ الحبَّ في عالم الدجى ***** ولم ألق غير الكره في صاحب الأمس
بكيتُ على نفسي، فلما أملّني ***** بكائي على نفسي، بكيتُ على نفسي
وأطرقت خوف الشامتين، وكم أنا ***** أعاني من العجز الكريه إلى نفسي
وقلت لها يانفس مالك والمنى ***** منورة كالحرف في آية الكرسي
وقلت لها: مالي ومالـك والأسى ***** مناورة حمراء في مدخل القدس
وتقذفني الخنساء في بحر وجْدها ***** بقايا دموع غادرت أعين القس
معاذ الهوى أن ينصف الدهر بيننا ***** فلا فرج يضحي ولا أمل يمسي
ولا شهريار يستجيد حكايتي ***** ولا هي على المجهول من دولة الفرس
وآخر ما تحوي سفاحاً حكايتي ***** مع الجور والآفات واللمس والمسّ
د. محمد العيد الخطراوي - السعودية
الحكاية الأخيرة - للدكتور. محمد العيد الخطراوي - السعودية
المجلة العربية - العدد 389 - يونيو 2009م
بكيت على نفسي فلمّا أملّني ***** بكائي على نفسي بكيت على نفسي
وأسبلتُ دمع العين حتى تمزّقت ***** عُراه، ووارى في حرائقه أمسي
وأترعتُ كأسي بالهموم، فأمرعت ***** دياجيرها، واشتد من وحلها بأسي
وألقت بي الأنصاب في كل معرك ***** بغيض إلى قلبي، كريه إلى نفسي
وطفتُ بفكري في مفاصل محنتي ***** كما طاف عربيد بمسرجة الأنس
وأفرغ ما في الدنّ من سكراته ***** وراح صريع الشك، والظن، والحدْس
ويممت صوب الفجر أبغي تحرراً ***** من اللين، والأيام تركض في حسي
ومن خلفها يعدو نُباح مؤرِّق ***** يتاجر في برديّ بالثمن البخس
وأوغلت في دنيا الهوى متمرّداً ***** فيا للهوى كم جرَّ بؤساً إلى بؤسي!
وأشعل في الأحلام كل خطيئة ***** معوّذة بالله من عفـــر الرجس
وأدمنت حبّ اللهو بدءاً وغاية ***** معفّرة الأقدام، معصــوبة الرأس
وأمنية خرساء ترقص في فمي ***** مــولولة ملتاثة الجهر والهمس
بذلتُ لها روحي وعهدي جميعه ***** وأدركت في أرجائها رجعة الإنس
وسربٌ من التاريخ ساخت ركابه ***** وراغت كظل الأرض في مهجع الشمس
وضاقت بي الآمال في كل مفرق ***** وثارت بصدري شهوة المحو والطمس
وذاك لأن الله مايز بيننا ***** قديماً، وضاع اللحن في زحمة الخُرْس
وتسرق مني شهرزاد حكاية ***** منمقة الأطراف مـــزهوّة الهجْس
تسيل على القرطاس شوقاً مؤزراً ***** يتيه بلون الحبر والحرف والجرْس
لتجعل منها للحياة ذريعة ***** وتمتح منها في مقاومـــة اليأس
وتصنع منها للرشيد ملاحماً ***** يوح ويغدو في غرائبها غرسي
وتبلغ آفاقي ذراها وترتدي ***** قلائدها، كالحارس المـاهر النّطس
فأقبلت كالمرآة هشم وجهها ***** نزال مع التاريخ في موكب نحس
وأنكرني قومي، فزادت مخاوفي ***** ونؤت بحملي في محاورة الطرس
وبعض حكايا القوم لهو مؤرّق ***** يعيث بأطرافي، ويعبث في حسي
وبعض حكايا القوم قصة عاشق ***** يغني بها العشاق في ليلة العرس
وبعض حكاياهم جلاد وفتنة ***** تقوم مقام الشرح في ساحة الدرس
وتضحك مني شيخة (عبشمية) ***** يؤول بها العمر الطويل إلى اللبس
وتمضي بحمد الله خلف حكاية ***** تكابد ما تلقاه من لوعة الحبس
وترنو لليل الشعر نظرة وامق ***** يرابي بضوء الشمس في منطق الحُمْس
وحين حطّمت القيد ملء أساوري ***** وزدتُ ضلالاً في مجابهة الرَّمس
وحين فقدتُ الحبَّ في عالم الدجى ***** ولم ألق غير الكره في صاحب الأمس
بكيتُ على نفسي، فلما أملّني ***** بكائي على نفسي، بكيتُ على نفسي
وأطرقت خوف الشامتين، وكم أنا ***** أعاني من العجز الكريه إلى نفسي
وقلت لها يانفس مالك والمنى ***** منورة كالحرف في آية الكرسي
وقلت لها: مالي ومالـك والأسى ***** مناورة حمراء في مدخل القدس
وتقذفني الخنساء في بحر وجْدها ***** بقايا دموع غادرت أعين القس
معاذ الهوى أن ينصف الدهر بيننا ***** فلا فرج يضحي ولا أمل يمسي
ولا شهريار يستجيد حكايتي ***** ولا هي على المجهول من دولة الفرس
وآخر ما تحوي سفاحاً حكايتي ***** مع الجور والآفات واللمس والمسّ
د. محمد العيد الخطراوي - السعودية
============
المصدر: المجلة العربية - العدد 389 - يونيو 2009م